كيف تكون مبرمجاً محترفاً

يُعتبر مجال البرمجة من أكثر المجالات التي يُمكن خلالها الحصول على مكان في سوق العمل في عصرنا الحالي، ويأتي هذا الطلب نظراً لتوجُه معظم أنواع الأعمال، والصناعات إلى التكنولوجيا الرقمية، ويُعدّ الشغف والرغبة في تعلّم البرمجة من أهم الأمور التي يجب أن يتسّم بها الشخص الذي يُريد البدء بهذا المجال، حيث يجعله ذلك مُتفانياً ومُجتهداً للوصول إلى هدفه المنشود في أن يكون مُبرمجاً مُحترفاً، فمجال البرمجة يحتاج إلى مثل هذه الشغف ليكون المرء قادراً على البقاء لساعاتٍ طويلة أمام جهاز الحاسوب دون كللٍ أو ملل.
يجب أن يُحدد المُبرمج المُبتدئ نوع المجال البرمجي الذي يرغب بالتوجُه إليه سواء كان مجال برمجة التطبيقات، أو الويب، أو حتى برمجة الذكاء الاصطناعي، أو غيرها من مجالات البرمجة المُختلفة، بعد ذلك ينبغي اختيار لغة البرمجة المُناسبة لهذا المجال؛ فلكل مجالٍ برمجيّ لغة تُعتبر تُناسبه أكثر من غيرها، وبالإضافة إلى ذلك يُنصح بتعلُم إحدى لغات البرمجة مُتعددة الاستخدامات التي تتوافق للعمل مع العديد من المجالات؛ كلغة البرمجة بايثون (Python).
يجب أن يمتلك الشخص الذي يرغب باحتراف البرمجة مجموعة من المهارات الأساسية التي من شأنها تسهيل تعلّم البرمجة؛ ويشمل ذلك: مهارات علمية، بحيث يكون لديه معرفة في أساسيات علم الحاسوب، والرياضيات، والمنطق، بالإضافة إلى مهارات شخصية؛ كمهارة حل المشكلات، ومهارة التواصل الاجتماعي مع الآخرين؛ فالمشاريع البرمجية تتطلب من المُبرمج التواصل مع أصحاب هذه المشاريع؛ لفهم الاحتياجات والتطلعات التي يريدونها في المشاريع المطلوبة.
يُعدّ البدء بتعلُم لغة البرمجة المطلوبة من أهم الخطوات في سبيل الاحتراف، ويُمكن ذلك بالالتحاق بكلية أو جامعة، أو بأحد المعاهد الإلكترونية عبر الإنترنت للتعلم عن بُعد، والجدير بالذكر أنّ الحصول على شهادة جامعية في مجال البرمجة لا يُعدّ ضرورياً، فالعمل في هذا المجال في الواقع يتطلب مهارات برمجية أكثر من شهادة علمية مُتخصصة، كما يُمكن دراسة البرمجة ذاتياً خلال المصادر المعرفية المُختلفة، ومن المهم عند تعلُم إحدى لغات البرمجة بشكلٍ ذاتي أو خلال الإنترنت الحصول على شهادة مُعترف بها من قبِل شركات البرمجة، أوغيرها من الجهات، لأنّ الشهادة تُثبت أنّ حاملها ذو مهارة جيّدة في مجال البرمجة المعنيّ.
لا بدّ للمُبرمج من الاطّلاع الدائم على كل جديد في مجال البرمجة، وذلك بدراسة أيّ تطورات جديدة تطرأ على لغات البرمجة، والبرامج، والأجهزة المُتوافقة للعمل عليها، حيث يجب الاستمرار بتطوير المهارات البرمجية، وعدم التوقُف عند حدٍ مُعين من المعرفة، لذا يُنصح المُبرمج بمراجعة ما يقوم بإنشاءه من برامج، ومُحاولة تحسينها وتطويرها، وبالإضافة إلى ذلك من المهم أن يكون المبرمج مُتصارحاً مع نفسه فيما يخص قدراته البرمجية، وذلك بإدراك المهارات التي يتميز بها، والمهارات التي يحتاج اكتسابها أو تحسينها.
يكون المُبرمج مُحترفاً عندما يتمكن من كتابة برنامجه بالطريقة الأفضل، بحيث يكون بالسرعة والكفاءة اللازمتان لتحقيق المواصفات المطلوبة، كما تُعدّ نظافة البرنامج غايةً في الأهمية؛ والتي تُشير إلى قدرة الآخرين على قراءة البرنامج واستخدامه مجدداً، أو حتى قدرة المبرمج نفسه على قراءة البرنامج بعد كتابته.
تُعد كتابة أكثر من نسخة للبرنامج حتى الوصول للنسخة الأفضل من أهمّ الخطوات التي يجب ألّا يتجاهلها المبرمج، فالنسخة الأفضل لا يُمكن أن تتم خلال التجربة الأولى لكتابة البرنامج؛ لذا يجب على المُبرمج كتابة البرنامج ثلاثة مرات على الأقل قبل تسليمه، بهدف الوصول إلى أفضل صورة وشكل له؛ حيث يتم خلال المرة الأولى كتابة البرنامج بهدف إثبات أنّه يعمل بشكل عام، بعد ذلك يُكتب مرة أخرى لجعله يعمل بطريقةٍ أفضل، ثم يتم كتابته للمرة الثالثة لجعله يعمل بأفضل طريقة صحيحة مُمكنة.
يُنصح الشخص الذي يرغب باحتراف مجال البرمجة بقراءة العديد من الأكواد البرمجية، لتوسيع مداركه، وجعله على اطلاع بطرقٍ برمجية قد تكون غائبة عنه، والجدير بالذكر أنّ الاطلاع على حلول برمجية أخرى يزيد من تحدي المُبرمج لنفسه، حيث يجعله يُفكر في ابتكار طرقٍ جديدة خاصة به للوصول إلى حل تلك المشكلة البرمجية.
تُعتبر القدرة على استكشاف الأخطاء الموجودة في البرامج وإصلاحها من الأمور الهامة التي يجب اتقانها لاحتراف مجال البرمجة، فالأخطاء في عالم البرمجة أمر لا مفر منه، فحتى لو استطاع المُبرمج كتابة أكواد برمجية خالية بشكل تام من الأخطاء، فإن تلك البرامج ستتفاعل مع برامج أخرى كتبها آخرين الأمرالذي قد يتسبب بظهور أخطاء غير مُتوقعة، ويتم تصحيح الأكواد البرمجية بفحص البرنامج أثناء تنفيذه، و
يتحتّم على الشخص الذي يرغب أن يكون مُبرمجاً مُحترفاً عدم مُقارنة نفسه بمُبرمجين آخرين، حيث لن يؤدي ذلك إلا لتراكم المشاعر السلبية، كما تُعدّ المُنافسة في عالم البرمجة أمر غير صحي؛ وذلك لأنّ كل شخص لديه ما يُميزه من نقاط القوة والضعف، لذا لا بُدّ من التركيز على المهارات التي يمتلكها الشخص، وتطويرها، والاستمتاع بالبرمجة عوضاً عن ذلك.