يُحدث مرض السكريّ، أو داء السكريّ، أو البوال السكريّ (بالإنجليزية: Diabetes mellitus) نتيجة ارتفاع مستويات سكّر الجلوكوز في الدم عن المعدّل الطبيعيّ، ويُعدّ مرض السكريّ أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم حيثُ يعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم، واستنادًا إلى إحصائيات منظمة الصحة العالميّة (بالإنجليزية: World Health Organization) واختصارًا WHO فإنّ النسبة العالمية للإصابة بمرض السكري للبالغين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا ارتفعت من 4.7% في عام 1980 إلى 8.5% في عام 2014، ويُشار إلى أنّ معدّل انتشار مرض السكري كان أعلى في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل مقارنةً بالدول ذات الدخل المرتفع.
يمكن تقسيم مرض السكريّ إلى ثلاثة أنواع رئيسيّة تتمثل بمرض السكريّ من النوع الأول (بالإنجليزية: Type I diabetes)، ومرض السكريّ من النوع الثاني (بالإنجليزية: Type 2 diabetes)، وسكري الحمل (بالإنجليزية: Gestational diabetes).
يُعرَف هذا النوع من مرض السكريّ أيضًا بسكريّ اليافِعين أو السكريّ اليَفعِيّ (بالإنجليزية: Juvenile diabetes)، ويحدث هذا النوع من السكري عندما يفقد الجسم قدرته على إنتاج الإنسولين بشكلٍ نهائيّ ممّا يضطر الشخص المصاب الاعتماد على الإنسولين الصناعيّ بشكلٍ يوميّ ولبقيّة حياته، ويُشار إلى أنّ هرمون الإنسولين هو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستويات سكّر الجلوكوز في الدم، ويتمّ إنتاجه من البنكرياس.
يحدث مرض السكري من النوع الثاني نتيجة وجود خلل في استجابة الجسم للإنسولين؛ إذ تفقد خلايا الجسم القدرة على الاستجابة للإنسولين الذي يتم إنتاجه من الجسم بشكلٍ فعّال مع استمرار قدرة الجسم على إنتاجه.
قد تعاني بعض النساء الحوامل من سكريّ الحمل نتيجة انخفاض حساسيّة الخلايا للإنسولين، ويزول هذا النوع من السكري في العادة بعد الولادة، مع الإشارة إلى عدم إصابة جميع النساء الحوامل بهذا النوع من السكري.
يُعدّ سكّر الجلوكوز المصدر الرئيسيّ للطاقة في الجسم، وبمساعدة هرمون الإنسولين يتمّ إدخال السكّر إلى خلايا الجسم للاستفادة منه وإنتاج الطاقة، وتحدث الإصابة بمرض السكريّ نتيجة انخفاض نسبة إنتاج هرمون الإنسولين في الجسم، أو التوقف عن إنتاجه بشكلٍ نهائيّ، أو عدم القدرة على استخدامه، وفي جميع هذه الحالات بعد الحصول على السكّر من الأطعمة التي يتناولها الشخص المصاب لن يتمكّن السكّر من الانتقال من الدم إلى خلايا الجسم المختلفة بشكلٍ طبيعيّ ممّا يؤدي إلى ارتفاع نسبته في الدم، وتوجد بعض الأسباب والعوامل التي قد تسهم في الإصابة بمرض السكريّ، علمًا أنّ هذه الأسباب تختلف باختلاف نوع السكري، وفيما يأتي بيانها:
يُصنّف مرض السكريّ من النوع الأول كأحد اضطرابات المناعة الذاتيّة (بالإنجليزية: Autoimmune disease)؛ إذ يقوم الجسم بمهاجمة الخلايا المُنتِجة للإنسولين في البنكرياس عن طريق الخطأ ممّا يؤدي إلى توقّف إنتاج الإنسولين، وعلى الرغم من ارتباط مرض السكري من النوع الأول ببعض العوامل التي ترفع فرص الإصابة به، إلّا أنّ يتمكن العلماء لم يتمكنوا إلى الآن من تحديد المسبّب الرئيسيّ الذي يعمل على تحفيز ردّة الفعل المناعيّة، ويُعتقد أنّ فرصة الإصابة به تزداد مع توفر العوامل البيئيّة والاستعداد الجينيّ، كما أنّه يُعتقد أنّ وجود تاريخ عائليّ للإصابة بالمرض يرفع من خطر الإصابة به، مع الإشارة إلى أنّ معظم المصابين بالمرض ليس لديهم تاريخ عائليّ للإصابة، ومن الجدير بالذكر أنّه تم استبعاد أن يكون للنظام الغذائي ونمط الحياة المتبع دور في الإصابة بمرض السكري من النوع الأول.
يتطوّر مرض السكريّ من النوع الثاني خلال فترة طويلة من الزمن؛ إذ يفقد الإنسولين الذي يتمّ إنتاجه في الجسم في هذه الحالة قدرته على تنظيم مستويات سكّر الدم بشكلٍ تدريجيّ ممّا يضطر البنكرياس في المراحل المتقدّمة لإنتاج المزيد من الإنسولين في محاولة للسيطرة على مستويات سكّر الدم، وهو ما يؤدي إلى إرهاق خلايا البنكرياس وانخفاض فاعليّتها، لذلك فإنّ مرض السكريّ من النوع الثانيّ ينجم عن مزيج من انخفاض فاعليّة الإنسولين وانخفاض إنتاجه في المراحل المتقدّمة من المرض، ومن عوامل الخطورة التي قد تساهم في الإصابة بمرض السكريّ من النوع الثاني ما يأتي:
تعتمد الأعراض المصاحبة لمرض السكريّ على نسبة ارتفاع السكّر في الدم، ويتمّ الكشف عادةً عن مرض السكريّ من النوع الأول وتشخيصه باكرًا قبل سنّ 19 من العمُر في معظم الحالات نتيجة ظهور الأعراض بشكلٍ مفاجئ، أمّا بالنسبة لمرض السكريّ من النوع الثاني فقد تظهر أعراضه على فترة زمنيّة طويلة جدًا أو قد لا يكون مصحوبًا بأي أعراض في بعض الحالات ممّا قد يؤدي إلى تأخر التشخيص، وفيما يأتي بيان بعض الأعراض الشائعة لمرض السكري:
لتشخيص الإصابة بمرض السكريّ يقوم الطبيب بداية بالسؤال عن التاريخ الصحيّ للشخص المعنيّ، ومناقشة الأعراض المصاحبة للمرض مع الشخص، وإجراء فحص سريريّ له، وفي حال الشكّ بإصابته بمرض السكريّ بناءً على ما سبق يقوم الطبيب بطلب إجراء بعض الفحوصات، ومنها ما يأتي:
يمكن القول أنّ أفضل ما يمكن القيام به في حال الإصابة بمرض السكريّ هو محاولة السيطرة على مستويات السكّر في الدم، إذ لم يتمّ إلى الآن الكشف عن طريقة يمكن من خلالها علاج مرض السكريّ بشكلٍ تام، وتهدف العلاجات المتوفّرة حاليًّا إلى السيطرة على المرض والمحافظة على مستوى السكّر في الدم ضمن المعدّل الطبيعيّ، وذلك من خلال اتباع بعض الإجراءات، وفيما يأتي بيان بعضها:
يُعدّ الإنسولين العلاج الرئيسيّ للمصابين بمرض السكريّ من النوع الأول وذلك لتعويض عدم إنتاجه من الجسم، وتوجد أربعة أنواع رئيسيّة للإنسولين المستخدم في علاج مرض السكريّ من النوع الأول، والتي تختلف بحسب مدّة استمرار مفعولها، وسرعة بدء تأثيرها، وتصنّف على النحو الآتي:
يمكن السيطرة على بعض حالات مرض السكريّ من النوع الثاني من خلال ممارسة التمارين الرياضيّة واتّباع نظام غذائيّ صحيّ فقط، أمّا في حال عدم انتظام مستويات السكّر في الدم بعد اتّباع هذه الطرق فقد يتمّ وصف بعض الأدوية حسب حالة الشخص المصاب، وتساهم هذه الأدوية في السيطرة على مرض السكريّ بعدة طرق، ومن هذه الأدوية ما يأتي:
في حال الإصابة بسكريّ الحمل يجدر قياس مستوى السكّر في الدم بشكلٍ يوميّ والحرص على إجراء التمارين الرياضيّة المناسبة للحمل وإجراء بعض التغييرات على النمط الغذائيّ وهو ما قد يكون كافيًا للسيطرة على مستويات سكّر الدم، أمّا في بعض الحالات الأخرى فكما صرّح مركز مايو كلينيك (بالإنجليزية: Mayo Clinic) فإنّ ما يتراوح بين 10-20% من النساء الحوامل اللواتي يعانين من سكريّ الحمل سوف يحتاجون لاستخدام الإنسولين لتنظيم مستوى السكّر في الدم، مع الإشارة إلى أنّ استخدام الإنسولين خلال الحمل يُعدّ آمنًا.
يُعدّ مرض السكريّ من الأمراض الشائعة وبمعدّل انتشار متزايد وينقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسيّة تتمثل بمرض السكريّ من النوع الأول والذي يحتاج المصاب فيه إلى استخدام الإنسولين كعلاج رئيسيّ للمرض، ومرض السكريّ من النوع الثاني الذي يعتمد علاجه على اتّباع نمط حياة صحيّ وبعض الأدوية في بعض الحالات، ومرض السكريّ الحمليّ الذي يظهر لدى بعض النساء خلال فترة الحمل ويزول بعد الولادة، والذي يمكن السيطرة عليه باتباع النصائح والإرشادات اللازمة خلال فترة الحمل، علمًا أنّ بعض النساء قد يحتجن لأخذ الإنسولين للسيطرة على مستويات السكر في الدم خلال فترة الحمل وتجنب حدوث أي مشاكل.
ولمزيد من المعلومات ننصحكم بمشاهدة فيديو تتحدث فيه الدكتورة روان حجاب دكتور صيدلة عن الفحوصات الواجب إجراؤها للكشف عن مرض السكري.