يَعيشُ قنديل البحر (Jellyfish) في محيطات العالم جميعها، وقنديل البحر حيوان بحري لا فقاري، له شكل جرس أو كوب، يتراوح حجم جرسه من 2سم-4م، أمّا قوام قنديل البحر الداخلي فهو هلامي، وله أطراف تُسمّى اللوامس.
تَسْتَمِدُّ طائفة اللاسعات أو الفنجانيات (الاسم العلمي: Scyphozoa) التي ينتمي إليها قنديل البحر اسمها من الكلمة اليونانيّة (skyphos)، وهي تدلُّ على مُصطلَح كوب مُخصَّص للشُرب.
تَضَعُ أنثى قنديل البحر بيوضها في الماء حيث يتم إخصابها، ثمَّ تفقس البيوض عن يرقة تسمَّى سُوَيطِحَة (planula)؛ تثبت نفسها بسطح صلب قد يكون قاع البحر، أو صخرة، أو حتَّى جسم سمكة، وتنمو اليرقة لتصل لمرحلة البوليبا (Polyp)، ويستمرُّ قنديل البحر في مرحلة البوليب لشهور أو سنوات.
يَنْفَصِلُ قنديل البحر عن الأرضيّة الثّابتة بعد انتهاء مرحلة البوليب، ويبدأ بالحركة مُكَمِّلًا مراحل عمره كقنديل بحر صغير (بالإنجليزيّة: Ephyra)، ثمَّ كقنديل بحر بالغ.
يَمْتَلِكُ أحد أنواع قناديل البحر المعروف بقنديل البحر المكعّب 24 عينًا حقيقيةً، وتتكوَّن كلُّ عين من عدسة، وشبكة، وقرنيّة، وتترتّب هذه العيون الَّتِي تحيط بجسم القنديل على شكل أزواج؛ بحيث تتَّجهُ إحدى العينين للأعلى، بينما تتجه الثّانية للأسفل، ممّا يسمح لقنديل البحر بزاوية رؤية مقدارها 360°.
يُعدّ هذا الجهاز البصري الأكثر تطوُّرًا في مملكة الحيوان، وتُعدّ الوظيفة الأساسيّة لهذه العيون توجيه قنديل البحر بكفاءة في الماء، ومن مهامّها الأخرى تحديد مواقع الفرائس، وتجنُّب الحيوانات المفترسة.
يَمْتَلِكُ قناديل البحر آلاف الخلايا اللاسعة التِي توجد في نهاياتها آلاف من الأكياس الخيطيّة التي تحمل مادّةً سامّةً، وعند تحفيزها ينشأ داخلها ضغط داخليّ يزيد على 2000 باوند لكلّ بوصة مربَّعة، فتنفجر، وتخترق جلد الضحيَّة لتضخ فيه آلاف الجرعات الصغيرة من السُّم، ومن الغرائب أنّ قنديل البحر يتمكّن من اللسع حتَّى بعد موته.
يُعدّ زنبار البحر (Chironex fleckeri) -أحد أنواع قناديل البحر المكعَّبة وأكبرها- من أخطر حيوانات الأرض، بل من الممكن أن يكون أخطرها على الإطلاق؛ إذ يماثل حجم جرسه حجم كرة سلَّة، أمَّا اللوامس فيصل طولها إلى عشرة أقدام، وقد تسبّب زنبار البحر، الذي يجوب مياه أستراليا وجنوب شرق آسيا، في قتل ما لا يقلّ عن 60 شخصًا خلال القرن الماضي.
اكتشف علماء يابانيّون قنديل بحر يعرف علميًّا باسم (Turritopsis dornii)، يتمتّع بقدرات عجيبة تجعل منه كائنًا حيًّا لا يموت -على الأقل داخل المختبرـ إذ إنّ هذا النّوع من القناديل بعد وصوله إلى مرحلة البلوغ، يتمكّن من العودة إلى مرحلة عدم النّضوج مرة أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية.
يُمْكِنُ أن تزهر قناديل البحر؛ أي تتجمّع بأعداد قد تصل إلى مئات أو آلاف، ويُعدّ هذا التجمّع مؤَشِّرًا على تلوّث مياه المحيطات، أو حدوث ظاهرة الاحترار العالميّ، وتحدُث هذه الظاهِرة في المياه الدافئة أو المياه مستنفدة الأكسجين.
تَتَكَوَّنُ أجسام قنديل البحر بنسبة 95٪ من الماء، وباقي النِّسْبَة هي من البروتينات والعضلات والأعصاب، بينما تحوي أجسام البشر على 60٪ من الماء فقط.
تَعِيشُ قناديل البحر في الماء فقط، ولكنَّها ليست نوعًا من أنواع السمك، بل تختلف كثيرًا عنها؛ فالأسماك من الفقاريات وتتنفّس عبر الخياشيم، بينما قناديل البحر من مجموعة اللافقاريّاتِ، وتتنفَّس الأكسجين من الماء عن طريق أغشيتها.
تُطبخ قناديل البحر الصالحة للأكل (وهي 25 نوعًا)، وتُضاف الأنواع ذاتها للمخلَّلات والسلطات، وهي بطعم مالح وشبيه بالمعكرونة.
يَعيشُ قنديل البحر في كُلّ المحيطات في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد موطن واحد محدَّد له، فقد عُثر عليه في المياه المُتجمدة في القُطب الشمالي، وفي المياه المُعتدلة، والمياه الدافئة التابعة للمناطق الاستوائية، كما تتأقلم مع الظروف المائية المُختلفة؛ أي في أعماق المُحيطات أو الأسطح، وفي البحيرات والمياه العذبة.
تُمارس قناديل البحر الهجرة العموديَّة -أي صعودها من أعماق المياه للسطح- بنمط حياتها القصير الممتد من بضع ساعات إلى سنوات حسب النوع.
تُولَّد – أو تفُقِّس- قناديل البحر في الربيع، وتتكاثر في فصل الصيف، وتموت خريفًا، وتقضي مُعظم فترة حياتها في موطنها بحثًا عن الطعام أو للهروب من الحيوانات المفترسة.
يتكوّن جسم قنديل البحر بشكلِِ أساسيّ من الماء الذي يشكّل 98% من جسمه، وهو بسيط التركيب ولا يحتوي على قلب، أو عظام، أو دماغ، ولكنه يحتوي على أعصاب حسيّة بدائيّة في قاعدة اللوامس تمكنه من تمييز الرّوائح، ورؤية الضّوء، وتحديد اتجاهه، وعمومًا يتكوّن جسم قنديل البحر من الأقسام الآتية:
(Epidermis) عِبارة عن الطّبقة الخارجيّة التي تحمي الأعضاء الدّاخليّة.
(Gastrodermis) هي الطّبقة الدّاخليّة لجسم قنديل البحر.
(Mesoglea) وهو مادة هلاميّة القوام تقع بين البشرة والأدمة المعديّة.
(Gastrovascular cavity) وهو تركيب يؤدي وظيفة كل من المريء، والمعدة، والأمعاء.
يُعدّ قنديل البحر من الكائنات الآكلة للحوم، فقنديل البحر الصغير يتغذى على الكائنات الحية الدقيقة التي تطفو على سطح البحر، مثل الأسماك الصغيرة وبيض الأسماك والنباتات، بينما قنديل البحر الكبير يتغذى على الكائنات الحية الأكبر، مثل الجمبري وسرطان البحر والنباتات والسرطان، بالإضافة إلى القناديل الأخرى الموجودة في محيطه.
يمتلك قنديل البحر نظام هضمي مبسّط، وبالرغم من ذلك فإنّه قادر على تناول الأنواع المختلفة من الأطعمة.
يُصَادِفُ الغطّاسون وزوّارُ الشَّواطئ الكثير من قناديل البحر، وهذه القناديل لا تنتمي لفصيل واحد، ولها أنواع متعدِّدة منها:
يُعد قنديل البحر العادي، أو قنديل القمر (Moon Jelly) من أشهر أنواع القناديل، وهو على شكل قرص أبيض، ويمتلك مخالبًا (أذرعًا) دقيقة وقصيرة، وغدده التناسليَّة بارزة.
يُعدُّ قنديل عُرْف الأسد (Lion’s Mane Jellyfish) أكبر القناديل في العالم، ويبلغ طول جسمه حوالي 1.83 م، بينما تنمو أذرعه لتصل إلى 30 م، ولونه البرتقالي واضح في الماء.
يُعدُّ قنديل قبعة الفطر (Mushroom Cap Jellyfish) أحد أنواع القناديل الصغيرة؛ فجسمه بحجم الكرة الطائرة، وأذرعها أطول من جسمها، ولكنَّها لا تحتوي أي مخالب.
يُشبه قنديل البحر المدفع (Cannonball Jellyfish) شكل قنديل قبَّعة الفطر بشكل جسمه الشبيه بكرة الطائرة، ولكنَّه بلون أحمر غامق مع أذرع طويلة.
يُعدُّ قنديل جوَّز البحر (Sea Walnut Jellyfish) أحد أنواع القناديل الصغيرة، وشكله مثل حبَّة جوزة الهند التي تملك الفصوص، ولكنَّه بلون أبيض صافي، مع أذرع طويلة تُطلق الضَّوء عند هيّاجِ القنديل.
يملُك قنديل النبات القراص (Bay Nettle) جرسًا بلونٍ أبيض حليبي، ويبلغ طوله 20 سم، بينما يبلغ طول أذرعها ما بين 2-3 مرات عرض الجرس، وهي قناديل شائعة الظهور في الصيف، ويحتوي بعضها على خطوط بنية تميل للحُمرة، وفيها بضع بُقع.
يُطلق على قنديل المشط اسم قنديل عنب الثعلب (Sea Gooseberry)، وهو شبيه بتكوين وشكل قنديل جوز البحر، ولكنَّهُ لا يملك فصوصًا، وهو لا يخرج إلى السطح إلا نادرًا خلال فصل الربيع.
تُشبه قناديل مشط الهلام الوردي (Pink Comb Jelly) كُرة الغولف؛ أي أنَّها أسطوانية الشكل وتمتلك أمشاطًا نِصف قُطرية تُضيء عندما تهيج، وعادةً ما يكون لونها ورديًا أو بُنيًا.
يتعرض الكثير من السّباحين والغواصين لضرر لسعات قناديل البحر ، إذ تحقن الأخيرة في أجسامهم السّم، فتظهر عليهم أعراض تختلف في شدّتها اعتمادًا على عدّة عوامل، منها: نوع قنديل البحر وحجمه، وعمر المصاب، وطول فترة تعرّضه للسع، ومقدار الجلد المتضرر.