تُعرّف الموازنة بأنّها بيان يُوضِّح توقُّعات وتنبُّؤات الحكومة للإيرادات والنفقات المُقدّرة للعام التالي بالاعتماد على إجمالي الأموال المُتوفرة، حيث يُعمل بها بعد مصادقة الحكومة عليها، ويُشار إلى أنّ كلمة الموازنة مُشتقّة من اللغة النورمندية (bougette) وتعني حقيبة اليد الصغيرة، أمّا في اللغة الإنجليزية وبعد إجراء تغيير طفيف على الكلمة أصبحت (budget)، لتدلّ ليس على الحقيبة فقط وإنّما على محتوياتها.
جاءت كلمة الموازنة نسبةً إلى المُستندات المالية التي أحضرها وزير المالية في حقيبة يده الخاصّة، وتتكوّن الموازنة من ركيزتين أساسيتين هما؛ الإيرادات، والنفقات، ويختلف كلّ منهما عن الآخر، كما يتأثّران ببعضهما البعض، وفيما يأتي توضيح لهاتين الركيزتين:
تُعرّف الميزانية أو الميزانية العمومية بأنّها بيان مالي لجهة ما خلال فترة مُحدّدة من الزمن، وغالباً ما تُحسب الميزانية في الربع الأول من السنة، أو بعد 6 شهور من السنة، أو مرة واحدة خلال العام، وتتكوّن الميزانية من 3 عناصر أساسية، وهي؛ المُمتلكات، والالتزامات، ورأس المال، حيث تُعتبر المُمتلكات والالتزامات قطبا الميزانية العمومية لما لهما من دور كبير فيها، ويُمكن تعريف المُمتلكات والالتزامات كما يأتي:
كما يُمكن التعبير عن المُمتلكات وفق المعادلة الآتية: المُمتلكات = الالتزامات+رأس المال المملوك، ويجدر بالذكر أنّ استخدام مصطلح رأس المال المملوك يُعبّر عن شركة التي تعود فيها الأملاك الشخصية لفرد ما، في حين يُطلق عليه حقوق المُساهمين إذا كانت الشركة تحتوي على حصص للعديد من الأفراد، ويُطلق عليه أيضاً القيمة الدفترية للشركة.
تُلزم الحكومات الديمقراطية بإعداد الموازنة العامة بموجب القانون، حيث إنّ الموازنة العامة لا تقتصر على تدوين المعلومات فقط، بل إنّه لا يُسمح بدفع أيّ نفقات دون المُصادقة على الميزانية من قِبل السلطات، وكذلك لا يُمكن تجاوز الحدّ المُصرّح به من النفقات، وبناءً عليه فإنّ الموازنة تُساعد جميع أنواع المؤسسات على التخطيط والتحكّم في عملياتها، كما تُساهم في دعم الاستراتيجيات الإدارية.
تُعدّ الموازنة العامة بمثابة خطط مالية حكومية تُوضّح الإيرادات، والنفقات، والعجز، والديون، والفائض من المال، وتدلّ أيضاً على كيفية تخطيط الحكومة لاستخدام الموارد العامة لتحقيق أهداف سياسية، ويجدر بالذكر أنّ السلطة التنفيذية تُعِدّ الموازنة ثُمّ تُقدّمها إلى السلطة التشريعية لاعتمادها أو التعديل عليها، وبعد ذلك تُعتمد كقانون رسمي قبل بداية السنة المالية الجديدة المُقرّر لها ببضعة شهور.
تُعدّ الميزانية العمومية في القطاع الخاص وسيلةً من إحدى الوسائل الخمسة التي تُستخدم من قِبل المحاسبين وأصحاب الأعمال لتلخيص ودراسة المُعاملات المالية، كما تُسمّى الميزانية العمومية ببيان المركز المالي، ومن القوائم التي يستخدمها المحاسبون في حساب البيانات المالية ما يأتي:
تُعدّ الموازنة بمثابة المحطة النهائية من التخطيط الاستراتيجي، حيث يتمّ بعدها توليد وتوزيع الموارد للبدء في العمل الحكومي، ويجدر بالذكر أنّه من غير المُمكن التخطيط لبعض المشاريع، وتحديد الإجراءات والعمليات لعام واحد فقط؛ حيث يستغرق تنفيذ بعضها بشكل كامل عدّة سنوات، لكنّ الميزانية تُوضع في إطار متوسط الأجل، وذلك لإظهار تكلفة الأنشطة المُعلنة أو الحالية وتأثيرها على الموازنة في السنوات اللاحقة.
تشمل عملية إعداد الموازنة بعض الإجراءات، ومنها ما يأتي:
تُوضّح الميزانية سير المعاملات المالية للمؤسّسة خلال فترة ما، وهي وسيلة لمقارنة وتقييم مدخلات الأعوام السابقة بانتظام، إذ يُمكن استنتاج مستوى نجاح أو فشل الإدارة المالية عند عقد هذه المقارنات، وبعد فترة من الزمن، يُمكن أن تعكس مقارنة الميزانيات العمومية الصحة المالية للشركة.
تهدف الميزانية إلى تعزيز تبادل المعلومات بين الأفراد، بالإضافة إلى أنّها تُقدّم تلخيصاً عن ممتلكات الشركة وما تدين به للغير، وهي تُعدّ بمثابة أداة مُساعِدة على اتخاذ العديد من القرارات اللاحقة، ومن أكثر البيانات المالية الشائعة ما يأتي: الميزانية العمومية، قائمة الدخل، وبيان التدفّق النقدي.
اعتادت الحكومات على إعداد الموازنات سنوياً، حيث تحتوي الموازنة على جميع المعلومات المطلوبة حول الموارد التي ستحتاجها الحكومة لتحقيق أهدافها خلال ذلك العام، بالإضافة إلى تقدير مستوى الإيرادات والنفقات بشكل دقيق، ويُمكن تلخيص مراحل إعداد الموازنة كما يأتي:
بعد الموافقة على الميزانية يُسمح لأعضاء البرلمان بتوجيه الأسئلة للوزراء للاستماع إلى إجابات دقيقة تجاه الموازنة الجديدة، وحينما تبدأ المرحلة الجديدة للموازنة تُحوّل القيمة المُستحقّة لكل دائرة من الدوائر الحكومة، ليتمّ العمل وِفقاً للخطط التي رُسمت في الموازنة، وبالمقابل تُعِدّ الدوائر الحكومية البيانات الدورية للإيرادات والنفقات للمقارنة بين توقّعات الميزانية والواقع والتعديل عليها عند الضرورة.
تستمرّ عملية تجميع و
تضمّ الموازنة بعض العناصر الإضافية غير المالية، مثل: أعداد الموظفين، وحجم الإنتاج، وعادةً ما تتمّ مراقبة التقدّم بشكل دوري من خلال مقارنة الاختلاف في تكلفة العناصر الفعلية مع تلك المُدرجة في الموازنة، ويُشار إلى أنّ الحكومات تُقدّر إجمالي الإيرادات والنفقات المتوقعة بناءً على النموّ الاقتصادي المُحتمل، وتغيّرات العملات الأجنبية، وغيرها من العوامل، ومن ثمّ تُصدر بيان ما قبل الموازنة
مُضافاً إليه مُؤشرات ميزانية السنة المالية القادمة.
تستعين بعض الحكومات كالحكومة المصرية بالبيانات الصادرة عن وزارة المالية لوضع الموازنة، كما تُرسل الحكومات الموازنات المُقرّرة من قِبل الوزارات والمؤسسات إلى الجهات المعنية، ومن ثمّ تُرسل الميزانيات إلى الوزارات المُختلفة، والتي تقوم بإدماجها في ميزانية الوزارة ذات الصلة وإحالة النتائج إلى وزارة المالية، يلي ذلك المرحلة الأخيرة وهي التنفيذ، حيث تبدأ السلطة التنفيذية بتنفيذ القرارات التي تمّ تحديدها في الموازنة، ويترتّب على وزارة المالية سدّ الاحتياجات المالية للوزارات الأخرى شهرياً.
ويُشار إلى أنّ الوزارات المُختصّة تتكفّل بدفع رواتب الموظفين، وشراء البضائع، كما ويُشار إلى أهمية احتفاظ هذه الهيئات بالسجلات المالية بشكل تفصيلي، إذ من المُمكن تعديل الموازنة من قِبل السلطة التنفيذية إن اضُطّرت بسبب سوء التقدير المُحتمل للموازنة.