لرعاية الأيتام وكفالتهم أهميةٌ عظيمةٌ تعود على اليتيم وعلى المجتمع بالخير والصَّلاح، وبيانُ بعضها فيما يأتي:
أوصى الله -تعالى- عباده بضرورة الإحسان إلى اليتيم والحرص على إعطائه حقوقه وحفظها حتى بلوغه سنَّ الرُّشد، وقد وردت العديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم التي تحثُّ على العطف على اليتيم، كقوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ)، وقوله -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ). وذلك حفاظاً عليه وحرصاً على عدم ضياعه بسبب فقد أباه وفقد من يعوله ماديّاً ومعنويّاً.
شدَّد النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على ضرورة التَّرابط والتَّكافل بين أفراد المجتمع، وكان يحرص على تذكير أصحابه وأمَّته بذلك، إذ أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، وأخرج أيضاً ما رواه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّ النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بيْنَ أصابِعِهِ). ومن صور التَّكافل بين أفراد المجتمع رعاية اليتيم وكفالته، وقد كان النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- يحرص كلّ الحرص على العطف والإحسان لليتيم امتثالاً لأمره -تعالى-: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)، كما أنّه شجَّع المسلمين وحبَّبهم بالفضل والثواب العظيمَين الذي سينالونه عند كفالة اليتيم، وهو الفوز بصحبته -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الجنة.
كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مُراعياً ومُلمّاً بمشاعر الأيتام؛ فيسعى لسدِّ حاجاتهم الماديَّة والمعنويَّة بعدلٍ وإحسانٍ، وكان يُحذِّر من العقاب الكبير جزاءً للإساءة إليهم، ومن صور الإساءة إلى اليتيم أكل ماله، فهو من السبع الموبقات المهلكات؛ إذ روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ)، وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قد نصح وحذَّر أبا ذرٍّ الغفاريّ -رضي الله عنه- بقوله: (يا أبا ذَرٍّ، إنِّي أراكَ ضَعِيفًا، وإنِّي أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَّ علَى اثْنَيْنِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يَتِيمٍ). فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوةٌ المسلمين وأسوتهم الحسنة، لذلك يجب أن يحرص المسلمون على اتّباع هَديه والسَّير على نهجه القائم على الإحسان إلى اليتيم بما يتوافق مع أوامر الله -تعالى-.