النمل أحد أنواع الحشرات المنتشرة بصورة هائلة في هذا العالم، إذ يُقدّر عدد النمل على وجه الأرض بما يُقارب 1 كوادريليون وللتوضيح أكثر فإن هذا العدد يُساوي مليون مليار، أما عدد أنواع النمل فيصل إلى 12 ألف نوع، وفيما يأتي معلومات عامة عن النمل و تصنيفه وفقًا لنظام التسميات البيولوجية:
ظهر النمل في الأصل على وجه الأرض منذ ما يقارب 140-168 مليون سنة، وذلك خلال العصر الجوراسي؛ أي عندما بدأت الديناصورات في الظهور وعندما كانت النباتات عبارة عن أبواغ ومخروطيات كالصنوبر والسراخس، وكان النمل حينها بأعداد قليلة مقارنة مع أنواع الحشرات الأخرى، ثم بدأ بالانتشار بكثرة واحتلال أماكن كبيرة ومتنوعة لبناء المستعمرات وتخزين الغذاء.
ومع التحولات والتغيّرات المناخية التي طرأت على العالم بقي النمل على قيد الحياة وازدهر وتكاثر ليبني أكبر المستعمرات على وجه الأرض وليُصبح أكثر الحشرات انتشارًا في العالم، حيث يتواجد بكثرة في المناطق المدارية، كما ينتشر في جميع أنحاء العالم حتى لا يكاد أي مكان يخلو منه، فيُمكن إيجاد النمل في المنازل والأراضي الزراعية ومناطق العالم شتّى، فالنمل لديه قدرة على مواجهة التحديات البيئية مما يجعله مقاوماً لها.
يحتاج النمل للماء والغذاء ليبقى على قيد الحياة تمامًا كأي كائن حي آخر، ويُعد النمل من آكلات اللحوم والنباتات وهذا يعني أنها تتناول معظم الأشياء القابلة للهضم، كما أنّه يستفيد من كافة الأطعمة التي يجدها أمامه لتخزين الطعام وإطعام أفراد المستعمرة، وفيما يأتي أهم العناصر الغذائية التي يفضلها النمل:
يكثر تواجد النمل فوق الأطعمة المتناثرة هنا وهناك على الأرض وعلى منضدة المطبخ، ويعيش في مستعمرات يبنيها داخل المنزل ثم ينقل هذه الأطعمة ويُدخلها إلى المستعمرة، ليتناولها صغار النمل أو اليرقات لتنمو وتكبر، كما تتناولها ملكات النمل التي تُدير هذه المستعمرة أو ما يُعرف ببيت النمل، وتُفضّل مجموعة النمل تناول الحشرات والسكريات والماء.
فيما يأتي أبرز المعلومات عن النمل والتي تصف شكله الخارجي:
وتُحدد تركيبة جسم النمل من الداخل نظرًا للوظائف التي تؤديها، وفيما يأتي نقاط توضح ذلك:
درس العلماء تركيبة النمل تمامًا كباقي الحيوانات والحشرات على وجه الأرض، وحددوا ذلك من خلال تصنيف هيكلها لجزء خارجي له مهام، وجزء داخلي يُكمل هذه المهام، مما يجعل جسم النملة منظومة كاملة مترابطة تؤدي مهام كبيرة مقارنة مع حجمها.
تستخدم النمل الفيرمونات للتواصل وهي مواد كيميائية صغيرة يضعها النمل في خط مساره لتتبعها المجموعات في نفس المسار وهذا ما يُفسر سير النمل في طوابير متتالية، ويُعد هذا التواصل الكيميائي معقد جدًا لكنّه طريقة تواصل النمل الأساسية، وهناك ما يُقارب 200 نوعًا من النمل تتواصل من خلال الصوت أو إحداث الضوضاء، ويلتقط النمل هذه الإشارات ويتعرّف على زملائه من خلالها.
تختلف طريقة نوم النمل تبعًا لنوعه، فهناك النمل الذي يغفو لمدة 8 ساعات خلال اليوم، وعُمّال النمل الذين قد يأخذون غفوة لمدة 8 دقائق كل 12 ساعة، وهنالك من يأخذون 250 غفوة أو قيلولة تبلغ مدتها دقيقة واحدة خلال اليوم الواحد، وفي أغلب الأحيان تكون مُتقطّعة وعلى فترات غير منتظمة، أما الملكات فقد تنام لمدة 9 ساعات خلال اليوم، ويُفسّر سلوك القيلولة المتقطع بقاء عدد كافي من عُمّال النمل لحماية المستعمرة وخدمتها، ولكن يؤثر نظام نومها على حياتها فهي تعيش 6-12 شهرًا فقط، بينما تعيش الملكة لمدة تصل إلى 6 سنوات.
تُصدر النملة صوتًا كصوت الكشط يُسمّى بالصرير وذلك باستخدام عضو مخصص لذلك، وبالرغم من أنّ هذه الأصوات خافتة لكنّها مسموعة لدى النمل وتنتشر بينها بكثرة، ولهذه الأصوات إشارات وترددات مُختلفة وتكون شدّتها حوالي 1 كيلو هيرتز في نطاق التردد المسموع، وهذا الصوت يُشبه صوت الضجيج أو الضوضاء، وهو غير مسموع لدى البشر.
يبني النمل بيوته في بيئات مُختلفة تُسمى بالأعشاش ولها عدة أنواع، ألا وهي:
يكمن دور الملكة في المستعمرة بالتكاثر، فهي تتزاوج مع عدد من الذكور خلال فترة التزاوج فقط، ثم تُخزّن الحيوانات المنوية في كيس داخل جسمها وتبقى محجوزة فيه حتى تفتح صمامًا يسمح بدخولها للجهاز التناسلي وتخصيب البويضات، وتتحكم الملكة بالنوع الذي تُريد إنتاجه إما إناث عاملات بلا أجنحة أو إناث ملكات عذراوات أو ذكور مجنّحة لا تؤدي أي مهمة، بالإضافة لعدد كبير جدًا من العمال لتوسعة المستعمرة، وبعد التزاوج تفقد الملكة والذكور أجنحتها ثم تنقل لتبحث عن موقع جديد تتزاوج فيه وتتكاثر.
تُسمى صغار النمل باليرقات والتي تكون على شكل الدودة الصغيرة، وهم لا يملكون أيّة هوائيات لاستشعار المحيط والتواصل مع المجتمع حولهم، وتُعبّر عن جوعها بحركة جسمهم الغريبة، كما تزحف نحو الطعام الذي يجلبه العمال، ويقوم العمال بتمزيق الأطعمة وعرضها على اليرقات لتغرق فيها وتتناول محتوياتها، كما أنّ لديها عضوًا يُنتج الصوت ليسمح لها بالتواصل، ولهذه اليرقات عدة فوائد إذ تُوكّل إليها مهمة غزل الحرير لبناء الأعشاش.
تعمل مجموعة النمل معًا يدًا واحدة وفق منظومة دقيقة ورائعة، إذ تتواصل بطريقة معينة وتنام وتُصدر مواد كيميائية وأصوات، كما تتكاثر بسرعة وتتزاوج لتُنتج بيوضًا بأعداد هائلة، وتنتقل من مكان لآخر لتتكاثر من جديد وتبني بيوتًا أكبر فأكبر، وتُوزّع المهام داخل المستعمرة على جميع أفراد المجموعة وحتّى اليرقات.
أو ما يعرف باسم النمل الحاصد (Harvester ant) واسمه العلمي (Pogonomyrmex) يمتاز بلونه البرتقالي المُحمرّ والمائل للبني الغامق، له شعر طويل أسفل الذقن، وتعيش مستعمراتها لما يُقارب 17 عامًا، تتواجد في بيوت أسفل الأرض ولعمق يتراوح ما بين 3 إلى 4.5 متر.
النمل الأبيض (White Ants) واسمه العلمي (Isoptera)، هي حشرة آكلة للأخشاب، تعيش في مستعمرات كبيرة داخل الخشب والهياكل الخشبية لمدة قصيرة، له أنواع ثلاثة هي: نمل الخشب الجوفي، نمل الخشب الرطب، نمل الخشب الجاف، وعلى الرغم من تسميته بالنمل الأبيض إلا أنه ليس نملًا كما يُعتقد، بل هو نوع من الحشرات التي تعرف باسم الأرَضة (Termite).
النمل الأسود (Black house ant) واسمه العلمي (Ochetellus) يمتاز بلونه الأسود اللامع، ويبلغ طوله بين 2.5-3 مم، واليرقة المخصبة منها تُصبح أنثى أما غير المُخصّبه فتُصبح ذكراً، غذاؤه المُفضّل هو الحلويات، وينتشر في المطابخ وأماكن تجميع القمامة.
النمل الأرجنتيني (Argentine ants) واسمه العلمي (Linepithema humile)، ويبلغ طول هذا النوع بين 2.2-2.8 ملم، لونه بين البني الفاتح والبني الغامق، يبني بيوتًا في مناطق شاسعة خلال فصل الشتاء وفي فصل الصيف يلجأ للمناطق المُظللة، قد يتواجد في المنازل داخل عزل الجدران أو الفراغات في الحائط، تنبعث من العمال رائحة كريهة عند تعرضها للضغط، كما يتواجد هذا النوع في كاليفورنيا وجنوب شرق الولايات المتحدة بكثرة.
النمل الحفار (Carpenter Ants) واسمه العلمي (Camponotus)، وهو من أشد أنواع النمل أذيّة، تتسلّط على الأخشاب وتصنع فيها حفرًا كبيرة، كما تختار طرق مختلفة لبناء الأعشاش مثل: أسفل العزل، في الحفر وفراغات الحائط، وفي التربة، وتخلق مسارات للبحث عن الطعام، وتتواجد هذه الأنواع بكثرة في أمريكا الشمالية.
النمل المجنون (Crazy ants) واسمه العلمي (Paratrechina)، يبلغ طوله بين 2.2-3 مم، يمتاز بلونه الأسود وأرجله الطويلة جدًا مع قرون الاستشعار، تعيش في البيئات الرطبة والجافة، وتبني بيوتها في النباتات، التربة، النشارة، والقمامة، كما يُعثر عليها تحت السجاد وفي فراغات الجدران وفي النباتات المنزلية، ينتشر بكثرة في الولايات المتحدة، وهناك نوع منه يُسمى بالنمل المجنون القوي (Nylanderia bourbonica).
أو ما يعرف باسم النمل النجار (Carpenter Ant) واسمه العلمي (Camponotus) يتراوح طوله بين 3.5-13 مم، لونه أسود وبعضه ذو لون أحمر، يعيش في الخشب الرطب مما يُسبب أضرارًا فيه، وينتشر بكثرة في الولايات المتحدة.
النمل الأسيوي ذو الإبر (Asian needle ants) اسمه العلمي (Brachyponera chinensis)، ويبلغ طوله 5 مم، لونه بني مائل للأسود مع فك سفلي بلون برتقالي داكن، يُفضّل العيش في الهواء الطلق وبأماكن مظللة برطوبة عالية، ينتشر بكثرة في ألاباما، وجورجيا، وجنوب كارولينا.
هناك ما يُقارب 12 ألف نوع من النمل في هذا العالم، وقد تكون أكثر من ذلك، ومن أشهر أنواع النمل في العالم النمل الأسود، والأحمر، والأبيض، والحفار، والآسيوي، والمجنونـ والخشب، وهناك أنواع أخرى مثل: نمل الحقل، والنمل الناري، ونمل العسل، والنمل الزارع.
يمر النمل في دورة حياة مؤلفة من ثلاث مراحل هي: البيض، واليرقة، وسن البلوغ، وفيما يأتي توضيح لها:
يخضع النمل لعملية تحول كاملة عبر عدة مراحل، وذلك بعد أن تتكاثر وتفقس بيوضها، ثم تنقسم لمجموعات تبعًا لأنواعها ومهامها وأشكالها، ويتغير شكل النملة كليًا بين كل مرحلة وأخرى لتكون قادرة على إنجاز المهام الموكلة إليها.
للنمل عدة فوائد تعود على البيئة وفيما يأتي أهم فوائد النمل وأهميته:
إن النمل يعود على البيئة بفوائد كثيرة، وهذا يعني أن النمل ليس من الآفات أو الحشرات التي يجب التخلص منها أو البحث عن طرق لقتلها، لكنها تُسبب الأذى عند دخولها للمنازل إما من خلال الحفر أوالنقر بالخشب، أو أنها تُسبب إزعاج بسبب منظرها غير المرغوب لدى البعض.