ما هي الحضارة الرومانية

بدأت الحضارة الرومانية من روما التي كانت قريةً صغيرةً على نهرالتيبر في إيطاليا وأصبحت من أكبر الإمبراطوريات في العالم، ووصلت مناطق نفوذها إلى إنجلترا بأكملها التي بقيت تحت سيطرة الرومان لمدّة 400 عام، ومناطق غرب نهر الراين، وكذلك مناطق جنوب نهر الدانوب، وغالبية المناطق الواقعة غرب نهر الفرات في آسيا، وشمال أفريقيا، والمناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط.
اشتهرت الحضارة الرومانية بجسارة شعوبها في الحرب، ممّا أدى إلى جمعهم للكثير من الغنائم، وخوض الحروب المستمرة، ويُذكر أنّ الجيوش الرومانية هزمت العديد من الجيوش التي تفوقهم عددًا في الكثير من الحروب، إذ إنّ المُقاتل كان يُمكنه السير 40 كم يومياً حاملاً معه رمحاً، وسيفاً، ودرعاً خشبياً، ومرتدياً الخوذة المعدنية والدرع الصدري.
تعدد الثقافات في الحضارة الرومانية وتميّزت هذه الحضارة بمنح شعوب المناطق الواقعة تحت نفوذها؛ أيّ الشعوب ذوي الأصول غير الرومانية حقوق المشاركة الاجتماعية والسياسية في نظامها، ويُذكر أنّ الإمبراطورية الرومانية حُكمت من أفراد، من منطقة البحر الأبيض المتوسط حازوا أيضًا على مقاعد في مجلس الشيوخ الروماني.
مرّت الحضارة الرومانية بالعديد من الأحداث التاريخية، وفيما يأتي أبرزها:
مرّت الحضارة الرومانية بثلاث فترات حكم رئيسية، وهي كالآتي:
تُعتبر فترة الملوك الفترة الأولى في تاريخ الرومان، التي بدأت منذ تأسيس مدينة روما، فقد حكم ما لا يقل عن 6 ملوك خلال هذه الفترة، وحققت روما فيها تقدّماً عسكرياً واقتصادياً بارزاً، إلى أن انتهى حكم الملوك في عام 510 ق.م، ومن أبرز المجالات التي اهتمّت بها روما خلال فترة الملوك ما يأتي:
وهي الفترة الثانية التي مرّت بها الحضارة الرومانية بعد نهاية حكم الملوك، وأصبحت روما تُحكم من أعضاء مجلس الشيوخ والفرسان الذين كانوا أعلى طبقات الحضارة الرومانية، مع إمكانية المجلس اختيار غيرهم للحكم، وجرت العديد من الأحداث عبر فترة روما الجمهورية، ومن أبرزها ما يأتي:
تُعدّ الفترة الإمبراطورية آخر فترات الحكم للحضارة الرومانية، والتي انتهت بسقوط روما الغربية، وازدهرت الإمبراطورية الرومانية في هذه الفترة، حيث توسّعت في عام 117م بشكل كبير، بحيث وصل نفوذها إلى 3 قارّات وهي آسيا، وأوروبا، وشمال أفريقيا.
ازدهرت الحضارة الرومانية تحت حكم 5 أباطرة في الفترة الواقعة بين 96-180م، وتميزت تلك الفترة بضعف سيطرة الإيطاليين على الإمبراطورية، وازدياد توافد المواطنين والجنود من أصول أُخرى، ولم يُختر الحكام على أساس ملكي وراثي بل اختيروا على أساس الكفاءة بغض النظر عن أصولهم، وفيما يأتي ذكر للأباطرة الخمسة:
ولد الإمبراطور ماركوس كوسيوس نيرفا في 8 نوفمبر، عام 35 م في بلدة نارنيا الصغيرة في أومبريا الواقعة شمال روما، من عائلة رومانية مميزة إذ كان والده يعمل محاميًا، وكان جده أحد أفراد الحاشية الإمبراطورية، وكان جده الأكبر قنصلًا في عام 36 قبل الميلاد، وكانت خالته حفيدة الإمبراطور تيبيريوس.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الإمبراطور نيرفا حكم الإمبراطورية الرومانية خلال الفترة بين عامي 96-98 م، وتنبى سياسة ليبرالية عظيمة فشلت في ضم الجنود إليه، ومن الجدير بالذكر أنّ نيرفا تمتع بالتميز، واعترف به مجلس الشيوخ فورًا وأطلقوا عليه لقب أبو الوطن.
وقد كانت الأشهر القليلة الأولى من حكمه مضطربة بعض الشيء إذ تم تدمير تماثيل دوميتيان، وأُسقطت الأقواس الاحتفالية، وبالرغم من ذلك لم يعترف بهِ الجنود بشكل كامل والسبب في ذلك أنّ بداية عام 69 أظهر أن الأباطرة يجب ألا يكونوا أشخاصًا أرستقراطيين رومانيين، ويمكن اختيارهم من أماكن أخرى غير روما.
حكم ماركوس أوريليوس خلال الفترة بين عامي 161-180م، وكان من الأباطرة الخمسة بعد نيرفا، وتراجان، وهادريان، وأنطونيوس بيوس، وقد تميز باهتماماته الفلسفية، وكان أحد أكثر الأباطرة احترامًا في التاريخ الروماني ويعود ذلك لأنّه ولد في عائلة ثرية وبارزة سياسياً، وقد اشتهر أنّه طالب ذكي، إذ حرِص على تعلم اللغة اللاتينية واليونانية، ولكن كانت نظرتهُ أكبر من ذلك، فعمِل جاهدًا للوصول إلى الرواقية، والتي تعرف بأنها فلسفة تركز على القدر، والعقل، وضبط النفس.
عمِل ماركوس قنصلًا في مجلس الشيوخ في بداية عام 140م، وقد احتل هذا المنصب مرتين خلال حياته، وبعد وفاة والدهِ بالتبني استلم ماركوس السُلطة، وأصدر بيانًا رسميًا أنّ أخاه بالتبني يشترك معه في السُلطة.
حكم الإمبراطورية الرومانية خلال الفترة ما بين 98-117م، وكان أول إمبراطور روماني غير إيطالي إذ إنّ عائلته كانت في إسبانيا، وحُققت العديد من الإنجازات في عهده، من أهمّها ما يأتي:
حكم الإمبراطورية الرومانية خلال الفترة 117-138م، وبُنيت مدن جديدة على نطاق واسع خلال فترة حكمه كما امتلك مسكناً يتكوّن من 30 مبنى يتخللها الحدائق، والحمامات، ومسرح، ومعابد، والمكتبات، كما امتلك بيتًا في إحدى الجزر يحتوي على جسر متحرك، كما حُفرت فيه الأنفاق ليتنقل العاملون خلالها.
حكم الإمبراطورية الرومانية خلال الفترة 138-161م، وعادت مكانة مجلس الشيوخ وسلطة الحكومة إلى سابق عهدها بفضله، حتّى توفي وتقاسم أبناؤه السلطة، فقد استمر الحكم الأنطوني خلال حُكم أبناء أنطوتيوس بالتبنّي بشكل مشترك وهم ماركوس أوريليوس 161-180م، ولوسيوس فيروس 161-169م، ثمّ ابن ماركوس كومودوس خلال 177-192م.
أبدع الرومان في فن العمارة القديمة التي استوحوها من العمارة اليونانية، إلّا أنّهم أضافوا بعضًا من أشكال ثرائهم على مبانيهم ليُظهروا تميّزهم، ويُطلق على أُسلوب العمارة الروماني المنسوب لليونان اسم العمارة الكلاسيكية، كما استخدم بعض المعماريين منذ القرن الثامن عشر أُسس العمارة الرومانية في بناء الأعمدة والأقواس، إضافة إلى استخدام الجص الأبيض في النهاية لإضافة اللمسات الكلاسيكية، وفي ما يأتي أبرز الفنون المعمارية الرومانية:
طوّر الرومان مجال بناء الأقوس الذي أخذوه من اليونان، إذ حملت الأقواس المزيد من الأوزان فوقها على عكس البناء المستقيم، كما توصّلوا إلى حقيقة إمكانية بناء الأقواس بصورة أُخرى غير الصورة النمطية للقوس نصف الدائري، فبنوا الجسور القوسيّة الطويلة والمباني الشاهقة.
بنى الرومان أقواسًا ضخمة في الطرق تعبيرًا عن بهجتهم بانتصاراتهم العسكرية وأطلقوا عليها اسم أقواس النصر أو بوابات النصر، وبُنيت قديمًا في عهد لوسيوس ستريتينوس عام 196 ق.م، وخلال عهد أغسطس اشتدّ التنافس على بنائها، فقد وصل عدد أقواس النصر داخل روما خلال القرن الرابع إلى 36 قوساً، أكبرها قوس قسطنطين بارتفاع كلي يبلغ 21 متر.
كما طوّر الرومان مجال بناء السراديب التي أخذوها من اليونان، من خلال ابتكار آلية بناء مأخوذة من أُسس بناء الأقواس بشكل ثلاثي الأبعاد.
استطاع الرومان بناء القباب التي تُغطّي مساحات كبيرة دون إسنادها بالدعائم، وسرعان ما أصبحت القباب تدل على المباني البارزة مثل الحمامات الرومانية، كما يوجد عدةّ قباب مشهور ومنها ما يأتي:
صنع الرومانيون مادةً خاصة بهم ساعدتهم في البناء فضلًا عن الحجر والخشب سُميت بالإسمنت الروماني، ممّا أحدث ثورةً معماريةً في روما بحلول القرن الأول قبل الميلاد، وتتكوّن مادة الإسمنت التي صنعها الرومان من كميات من الركام الجاف مع مادة الملاط التي تُساهم في تماسك الخليط، واستخدم الرومان الإسمنت في عمليات البناء تحت الماء أيضًا.
عاش غالبية الأثرياء من الرومان في فلل تجنبهم حرارة الصيف، وتكوّنت من ردهة، وقسم لمالك البيت، وآخر للعاملين فيه، ومخازن الطعام والمواد، والحمامات، ومصارف المياه، وزُيّنت بأرضيات فسيفسائية ولوحات جداريّة، كما انتشرت المباني العامة العظيمة في الأراضي الرومانية لاسيما في روما، كما أنّ غالبية الشعب الروماني امتلك بيوتًا بسيطة.
يقع الكولوسيوم الشهير في روما، وبدأ بناؤه خلال عهد الإمبراطور فسبازيان في الفترة ما بين 70-72م وانتهى البناء بعد وفاته عام 80م، ويتسع الملعب الضخم لحوالي 50,000 – 80,000 مُتفرج، وشُيّد المبنى من غنائم الحرب، كما شيد الإمبراطور أغسطس قيصر مبنى الملياروم أوريوم بالقرب من المنتدى الروماني ليكون نقطة الانطلاق من روما إلى المناطق الأخرى.
نقل الرومان المياه من الينابيع المائية إلى المدن الكبيرة باستخدام العديد من الأساليب أهمّها إنشاء قنوات الماء، ومن أهمّها القنوات المائية الرومانية ما يأتي:
انتهى بناء سور هارديان عام 121م، وهو سور حجري طويل يمتد إلى شمال إنجلترا؛ بُني بهدف إبقاء الأمازيغ بعيدين عن الأراضي الرومانية. كما صنع الرومان تماثيل مطابقةً لشكل الشخص في الواقع تمامًا لتذكيرهم بالأشخاص العظماء لديهم.
اشتهر الرومان بتصاميم الفسيفساء على الأرضيات والجدران التي ما زالت موجودةً حتّى الآن. كما بنى الرومان سلسلةً كبيرةً من الطرق وأشهرها طريق آبيان، كما تُستخدم الطرق الرومانية القديمة حتّى اليوم في بريطانيا بفضل بنائها الدقيق والمُتقن، فقد بُنيت لتحمُّل التحركات العسكرية فوقها، وأعمال التجارة، والزراعة، والمشاة.
يتجلّى إرث الحضارة الرومانية في اللباس، واللغة، والأدب، والعديد من الأمور الأُخرى، وفي ما يأتي نظرة على الإرث الروماني:
تُعد اللغة اللاتينية التي هي لغة الرومان الأصلية أساس اللغات الرومانسية والتي تتضمّن: اللغة الإيطالية، والفرنسية، والإسبانية، والبرتغالية، لكن من الصعب العثور على أشخاص يُجيدون التحدث باللغة اللاتينية الآن، ومن الجدير بالذكر أنّ الرومان تحدّثوا اللغة اليونانية أيضًا.
صمّم الرومان الخواتم باعتبارها نوعًا للإشارة إلى ارتباط الشخص بعلاقة خطوبة، أو زفاف، أو صداقة، كما اعتادوا على تبادل الهدايا فيما بينهم خلال فترات أعيادهم المختلفة.
صنع الرومان الجوارب حيث كان يلبسها النساء والرجال، ولاحقًا طوّروا الأحذية ونوّعوا في تصاميمها، فصنعوا أحذيةً خاصةً للجنود، واشتهر الرومان بلباس معين يوصف أنّه قطعتان من القماش الصوفي موصولتان معًا بحيث تترك فتح في اللباس للرأس والذراعين، كما صنع الرومان القبعات، والسترات، واشتهر البعض بارتدائهم لباس مصنوع من الصوف لإظهار مدى ثرائهم.
تُعدّ رياضة المصارعة أكثر الرياضات شعبيّةً عند الرومان، فقد كان المصارعون يجتمعون في حلبة ويتقاتلون، ومارس الرومان رياضات وألعاب أخرى عدةّ منها؛ ألعاب الطاولة، وألعاب الكرات المختلفة، واللعب بالأطواق الدائرية.
استخدم الرومان ألفاظ السخرية بشكل واسع في المسرحيات الأدبية تحديدًا في المسرح الهزلي، كما أصبحت اللغة الرومانية لغة العديد من الأعمال الأدبية الغربية.
يوجد عدةّ معلومات مهمة عن الحضارات الرومانية من أبرزها ما يأتي: