ما هي إعادة التدوير

يُمكن تعريف إعادة التدوير (بالإنجليزية: Recycling) بأنّه عبارة عن جمع المواد المُستخدَمة، ثمّ تحويلها إلى مواد خام، ثمّ إعادة إنتاجها لتصبح مواد قابلة للاستهلاك مجدداً، ويُمكن أن يشمل مفهوم إعادة التدوير أي شيء قديم يُمكن استخدامه من جديد، وبمعنىً آخر هو عملية يتمّ من خلالها الاستفادة من المواد غير الصالحة والتي تُعدّ نفايات وإدخالها في عمليات الإنتاج والتصنيع الجديدة.
يعود تاريخ إعادة التدوير إلى آلاف السنين، وقد يبدو هذا المفهوم كأحد المفاهيم الحديثة التي ارتبطت بالحركات التي تدعو للمحافظة على البيئة في سبعينيات القرن العشرين، إلا أنه وفي الحقيقة قد تمّ استخدامه قديماً من قِبل بعض الأفراد بطريقة ما منذ آلاف السنين، وقد برز مفهوم إعادة التدوير في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين كأحد المفاهيم المهمة في العديد من دول العالم؛ بسبب الكساد الاقتصادي الذي حصل في ذلك الوقت، فقد كانت تتم إعادة تدوير بعض المواد؛ كالنايلون، والمطاط، والمعادن.
تراجعت شعبية استخدام هذا المفهوم في الولايات المتحدة الامريكية نتيجة النمو الاقتصادي، وبقي هذا التراجع قائماً حتى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين حتى طُرح مفهوم إعادة التدوير في يوم الأرض الأول في عام 1970م، ثم بقي استخدامه يزداد باطراد مع مرور الوقت، وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك العديد من الأمور التي يُمكن أن تزيد من نجاح هذه العملية وانتشارها؛ كالقوانين المُلزمة بهذا الأمر، والقبول العام لها من قِبل الأفراد وتعاونهم لإنجاحها.
تتضمن عملية إعادة التدوير نوعين رئيسيين؛ هما: إعادة التدوير الداخلية، وإعادة التدوير الخارجية، وفيما يأتي شرح موجز عن كل نوع منهما:
تعتمد عمليات إعادة التدوير الداخلية (بالإنجليزية: Internal Recycling) على مبدأ تجديد استخدام المواد الناتجة من مُخلفات عمليات التصنيع، ويُعدّ هذا النوع شائعاً في صناعات المعادن المختلفة، فعند صناعة أنابيب النحاس على سبيل المثال يتمّ تجميع العديد من المواد الزائدة عن عملية التصنيع، وصهرها وتحويلها إلى مُنتج جديد.
يُعنى التدوير الخارجي (بالإنجليزية: External Recycling) بجمع المواد المُستهلكة والمُتهالكة والقديمة ثمّ استخدامها لإنتاج سلع جديدة، كعملية تجميع المجلات والصحف القديمة، ثمّ استخدامها في تصنيع منتجات ورقية جديدة، ومن الأمثلة الأخرى تجميع المواد الزجاجية القديمة وتحويلها إلى أخرى جديدة، وهناك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها الحصول على المواد المُستخدَمة والقديمة لإعادة تدويرها من خلال هذه الطريقة، إذ يُمكن الحصول على تلك المواد من خلال بعض الأماكن الخاصة التي تشتري هذه المواد القديمة والبالية ثمّ تبيعها، كما يُمكن الحصول عليها بالمجان من خلال مراكز تجميع المواد القابلة للتدوير، أو من خلال جمعها من سلال القمامة الموجودة في الطرقات.
يوجد العديد من الفوائد التي تُبرز أهمية عملية إعادة التدوير، ومنها الآتي:
تضمّ عمليات التدوير العديد من المواد المُختلفة كالحديد والصلب، والزجاج، وعلب الألومنيوم، والخشب، والورق وغيرها من المواد؛ حيث تساهم عملية إعادة تدوير هذه المواد في تقليل استنزاف العديد من الموارد من الطبيعة؛ كالبترول، والغاز الطبيعي، والأشجار، والفحم، والخامات المعدنية. وفيما يأتي تفصيل لتلك المواد:
يوجد العديد من المعادن التي يُمكن إعادة تدويرها، ومنها الآتي:
تُعدّ علب الألومنيوم من المواد القابلة لإعادة التدوير بشكل كُلي، أي يُمكن تحويل العلب القديمة إلى علب جديدة تماماً، الأمر الذي يخفض كمية الطاقة اللازمة لصناعة هذه العلب، حيث يُمكن استخدام الطاقة التي تمّ تقليلها في تشغيل جهاز التلفاز لمدة 3 ساعات.
تدخل رقائق الألومنيوم في العديد من الصناعات المختلفة، كتلك الرقائق التي يتمّ استخدامها في تغليف الأطعمة، أو تلك التي يتمّ وضعها على موقد الطهي للحفاظ عليه نظيفاً، وغيرها الكثير من الاستخدامات الأخرى، ولإعادة تدوير هذه المادة أثر في المحافظة على البيئة وتقليل استهلاك الطاقة، ونظراً لوجود بقايا الطعام على هذه الرقائق فإنّ الكثير من مراكز إعادة التدوير لا تُفضل استخدامها، لذلك يُفضل تنظيفها جيداً قبل رميها في سلة النفايات، ويجدر بالذكر أن عمليات إعادة تدويرها تساهيم بتقليص نسبة استهلاك الطاقة بنسبة 5% مقارنة بعملية صناعتها بشكل تقليدي.
تتمّ عملية إعادة تدوير علب الصفيح والعلب الفولاذية من خلال إدخالها إلى أفران خاصة -ويمكن مزج العلب المُعاد تدويرها مع علب فولاذية جديدة-، وتُعدّ هذه العملية مهمة في تقليل وترشيد استهلاك الطاقة، إذ توفر عمليات تصنيع علب الصفيح والعلب الفولاذية التي يتمّ تدويرها مقداراً من الطاقة تقدر بحوالي 75% مقارنة بعمليات التصنيع التي تتمّ من الصفر، وهذه النسبة الهائلة تكفي لإمداد 18 مليون منزل بالطاقة اللازمة.
تُعدّ بقايا السيارات والمباني القديمة الرافد الأساسي للفولاذ الذي يتمّ إعادة تدويره، وتبدأ عملية التدوير بفرز الفولاذ، ثمّ صهره وتحويله إلى صفائح ضخمة، ثمّ يتمّ تسويقه ليدخل في العديد من الصناعات كمواد البناء وهياكل السيارات.
يُعدّ التخلص من البلاستيك من المشاكل الخطيرة؛ لأنّه يتكون من مواد غير قابلة للتحلل مع مرور الوقت؛ إذ يتكون من سلاسل من الجزيئات المُعقدة، وتُعدّ تكلفة إنتاج مادة البلاستيك قليلة، ويتمّ إعادة تدوير البلاستيك من خلال فرزه وتقسيمه إلى أصناف وألوان مختلفة، ثمّ تخليصه من أيّة مواد عالقة به، ثمّ تقطيعه وصهره في قوالب مختلفة، ويأخذ البلاستيك عادة شكلاً جديداً بعد إعادة تدويره، ويُمكن استخدام البلاستيك المُدوّر في العديد من الصناعات كنسيج الصوف، ومواد البناء، وبعض أنواع الأثاث، والمواد العازلة.
ويوجد العديد من الأصناف المختلفة لمادة البلاستيك القابلة للتدوير، والتي يبلغ عددها 7 أنواع، ويوضح الجدول الآتي اسم كل نوع من هذه الأنواع، والرقم الذي يُشير إليه (الكود التعريفي الخاص به)، ورمزه مع بعض الأمثلة على استخدامات كل نوع:
يُمكن إعادة تدوير الكرتون من العديد من المواد المختلفة؛ كالعلب التي تحتوي على المشروبات والمواد الغذائية المختلفة كالحليب والشوربات، بالإضافة إلى كراتين تخزين المنتوجات.
تتمثل أهمية تدوير الورق في تقليل استخدام الطاقة، والحفاظ على نظافة البيئة، وحفظ مواردها المختلفة كالمياه والأشجار، إذ تقوم صناعة الورق التقليدية على استخدام الأشجار كعنصر أساسي لعملية الصناعة، وغالباً ما يتمّ قطع الأشجار المُعمرة ليُزرع مكانها أشجار تنمو بشكل سريع ليتمّ قطعها مُجدداً واستخدامها في الصناعة، ويُشكل الورق ما نسبته 20% من إجمالي النفايات المنزلية، وتتمّ إعادة تدوير الورق من خلال تجميعه، ثمّ فرزه إلى أصناف تختلف تبعاً لنوع الورق، ووزنه، ولونه، وغيرها من الاعتبارات الأخرى، ثمّ نقعه بالماء، ثم تخليصه من الحبر الموجود عليه أو أية مواد عالقة به، ثمّ وضعه على شكل صفائح مسطحة ليتمّ تجفيفه.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك العديد من المواد الورقية التي لا يُمكن إعادة تدويرها كالمناديل الورقية، أو الورق المغلف بالبلاستيك أو الشمع، وعلى الجانب الآخر فإن هناك العديد من المواد الورقية القابلة للتدوير، ومنها الآتي:
يُمكن إجراء عملية إعادة تدوير الزجاج بطريقتين؛ وهما:
وهناك العديد من أنواع الزجاج التي لا يُمكن إعادة تدويرها؛ كالسيراميك والأواني الزخرفية، والزجاج ذي الألوان المختلطة، والزجاج المقاوم للحرارة كالبيركس، وزجاج الكريستال، وزجاج المرايا والنوافذ، والمصابيح الكهربائية، وشاشات التلفاز أو شاشات الحاسوب (CRT)، وحتى الزجاج الملوث بالأوساخ.
تُعدّ عمليات إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية غير رائجة كما هو الحال بالنسبة للسلع الأخرى، إذ تحتوي الأجهزة الإلكترونية على العديد من القطع التي قد تحتوي على مواد سامة كالزئبق، والرصاص، وغيرها، لذا تحتاج عملية إعادة تدويرها إلى أشخاص مختصين بهذا العمل؛ لأنّها تتطلب فصل معظم مكونات الجهاز عن بعضها البعض، ولا تُعدّ إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية أمراً مُجدياً من الناحية المادية مقارنة بتبديل الأجهزة القديمة أو التالفة مقابل ثمن زهيد.
تكمن فكرة إعادة تدوير الأشياء بالبحث عن استخدام مُفيد لها قبل التخلص منها أو رميها، فيُمكن على سبيل المثال استخدام الإطارات المطاطية كعازل، كما يُمكن تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة، ويُمكن إعادة تدوير البطانيات والملابس القديمة من خلال جمعها وتوزيعها على إحدى الجمعيات الخيرية ليتمّ توزيعها على المحتاجين.
ترتكز عمليات إعادة التدوير المختلفة على ثلاث خطوات أساسية، وهي كالآتي:
عادةً ما يتمّ تمييز المنتجات المتوفرة في الأسواق بمجموعة من الرموز المختلفة، لذا من الضروري معرفة معاني تلك الرموز ودلالاتها، وفيما يأتي بعض من الرموز التي يتمّ وضعها على المنتجات المختلفة:
تختلف طبيعة عمليات إعادة التدوير من مكان إلى آخر، ففي بعض الأماكن يُمكن وضع المواد القابلة للتدوير في حاويات النفايات الموجودة على الطرق، وفي بعضها الآخر يختلف هذا الأمر، حيث يجب إرسال هذه المواد إلى بعض المراكز الخاصة بإعادة التدوير، وفي بعض الأماكن يُمكن وضع المواد القابلة للتدوير في سلة مهملات واحدة دون الحاجة إلى الفصل فيما بينها، بينما يتوجب على الشخص في أماكن أخرى فصل هذه المواد ووضع كل مادة في المكان المخصص لها.
وبغض النظر عن هذه الاختلافات في أماكن توزيع المواد القابلة للتدوير فإنّ هناك العديد من الأمور العامة التي يجب مراعاتها في هذه العملية، ومنها الآتي: