ما هو الخفاش

طائر الخفاش هو حيوان من مجموعة الثديّيات، ويُعتبر النّوع الوحيد منها القادر على الطيران. تعيش هذه الحيوانات في كلُّ أنحاء العالم تقريباً ما عدا قارة أنتاركتيكا المُتجمِّدة ومناطق قليلة حول القُطب الشمالي.
تنشط الخفافيش بعد حُلول الظلام، وهي تتميَّز بقُدرتها على التعرُّف على الطّرق، وتحديد مواقع الأشياء في اللَّيل بكفاءة ممتازةٍ اعتماداً على جهاز توجيهٍ صوتيٍّ طبيعي مُماثل لآلة السّونار، ويتكائر طائر الخفاش بالولادة، وهو النوع الوحيد من الثديّيات الذي يتغذّى على الدم (رُغم أنَّ أنواعاً معدودة منه تأكل الدِّماء، بينما لدى مُعظم الأنواع الأخرى غذاءٌ مختلف).
تُصنَّف مجموعة الخفافيش إلى رُتبتين أساسيَّتين: هُما الخفافيش الضَّخمة، والقزمة.
أمّا الرّتبة الثانية وهي الخفافيش القزمة، فيتألَّف مُعظم طعامها من الحشرات، ولأنَّ قدرتها على الرُّؤية مُنخفضة فهي تلجأ إلى نظام التّحديد الصوتيّ لمُطاردة فرائسها.
تتميَّز هذه الكائنات بقُدرتها الفريدة على استكشاف بيئتها والتعرُّف عليها باستخدام الموجات الصوتيَّة، يقوم الخُفَّاش بهذا عن طريق إصدار موجات صوتيَّة نحو الأمام، ثم انتظارها حتى تلمس جسماً آخر (مثل شجرة قابعةٍ أمامه) وترتدَّ عائدة إليه، وبحسب الوقت الذي تأخذه الموجة لتعود إلى الخُفَّاش، يستطيع تحديد مسافة الأشياء التي تطوف حوله وأحجامها، ويستطيع الخفاش التقاط الأمواج المُرتدَّة بفضل آذانه الضَّخمة التي قد يتجاوز حجمها خمسة أضعاف حجم رأسه بأكمله.
تستطيع الخفافيش الصيَّادة استعمال قُدرة التّحديد الصوتيّ هذه بكفاءة بالغة؛ لتتمكَّن من مُطاردة الحشرات شديدة الصِّغر والإمساك بها في الهواء، لكن ليس جميع أنواع الخفافيش بحاجةٍ لهذه المِيزة، فخفافيش الفاكهه مثلاً لا تُطارد أي كائناتٍ لأنّها تتغذّى على ثمار الأشجار، وبالتّالي فإنَّ نظام التحديد الصوتيِّ لديها بدائيٌّ جداً.
عظام السِّيقان الخلفية لدى الخفافيش خفيفة وضعيفةٌ جداً، ولذا فهي غير قادرة على تحمُّل وزنها إذا ما وقفت مُنتصبة.
تنام الخفافيش طوال النهار، حيث تتعلَّق بأغصان الأشجار، أو سُقوف الكهوف، أو الأبنية البشرية (مثل المنازل المهجورة، والأنفاق، والمناجم)، مُتكوِّرة حول نفسها بضمِّ أجنحتها حول جسدها، وهي تجتمع معاً في مُستعمراتٍ عملاقة.
تهاجر بعض الخفافيش نحو مناطق دافئة في فصل الشتاء بحثاً عن الغذاء والدفء، ومن المُمكن لأنواع أخرى أن تقضيه في سُباتٍ طويل.
مع أنَّ بعض الناس قد يعتقدون أن الخفافيش نادرةٌ بسبب عدم تواجدها سوى في اللَّيل، وصغر حجمها، إلا أنَّها شديدة الانتشار في الواقع، وتعيش في كلِّ مكانٍ على الكرة الأرضية تقريباً سوى المناطق المُتجمِّدة والصحارى القاحلة.
تعيش الخفافيش خلال الشّهور الستَّة الأولى من حياتها على حليب أمِّها كونها من مجموعة الثدييات، وعند البُلوغ يُطوِّر الخفاش الصَّغير فكَّه ويُصبح قادراً على تناول أصنافٍ مُختلفة من الطعام.
تتغذَّى بعض الخفافيش أيضاً على رحيق الأزهار (مثل الطيور الطنَّانة)، حيث إنَّ لديه لساناً طويلاً معقُوفاً تطوَّر للوُصول إلى قمع الزَّهرة وامتصاص رحيقها.
أمّا امتصاص الدِّماء الذي تشتهر به هذه الحيوانات، فهُو في الحقيقة مصدر طعام ثلاثة أنواعٍ من الخفافيش فحسبُ في العالم بأكمله، حيث تعيش هذه الأنواع الثلّاثة في قارة أمريكا الجنوبية وأمريكا الوُسطى، وتستهدف عادةً الثدييات الكبيرة (مثل الماشية والأبقار) أو الطيور، وهي في الواقع لا تمتصُّ دماء فرائسها تماماً، وإنَّما تكتفي بصناعة جُرحٍ صغير في جلد الضحيَّة، ثم لعق الدم الذي يخرج منه.
بصُورة عامَّة، كلَّما ازداد حجم الخفاش تطول مُدَّة حمله، ولذلك فإنَّ فترة الحمل لدى هذه الكائنات قد تتراوح من 40 يوماً إلى 6 شهور. تضع مُعظم إناث الخفاش البالغة مولوداً واحداً في العام، وذلك رُغم أنَّ بعض الأنواع قد تضع مولودين إلى أربعة. تلد الأنثى صغارها وهي مُتعلِّقة رأساً على عقب، وعندما يبدأ طفلها بالسُّقوط، تبُادر إلى إمساكه بجناحيها.
ترعى الأنثى صغيرها مُدَّة ما بين شهرين إلى ستة شهور، حيث يتعلَّق الجرو بأمِّه باستعمال مخالبه الحادَّة الطويلة، وعندما يُصبح قادراً على الطيران (خلال شهر إلى شهر ونصف) يبدأ بالخُروج معها في جولاتٍ لتعلُّم الصّيد، والبحث عن الطّعام. إذا كانت الخفافيش تعيش في مُستعمرة صغيرة، فقد يُشارك كلا الأبوين في رعاية جِرائِهم.