تكيف الجمل في الصحراء

يُعدّ الجمل من أكبر حيوانات الصّحراء، وأكثرها تحمُّلاً لهذه الظّروف، فهو قادر على تحمّل الجوع والعطش مدّة طويلة، والسّير بشكل مُتواصل دون أن يشعر بالتّعب، ولهذا السّبب أُطلق عليه اسم سفينةُ الصّحراء؛ ويرجع ذلك إلي بُنيته الجسديّة العجيبة التي يمتلكها، ومن هذه التكيُّفات التي يمتلكها الجمل ما يأتي: ،
يختلف حجم السّنام وعدده حسب نوع الجمل؛ فمنه من يمتلك سنامين والذي يُسمّى بالجمل البكتريّ، وبينما تملك أنواع أخرى سناماً واحداً ضخماً يُخزّن فيه الجمل غذاءه على شكل دهون ، يقوم جسم الجمل بتحويل الطّعام إلى دهون، وهذا الدّهن يعمل على ترطيب الجسم وبقائه مُشبعاً بالغذاء، مُتحمّلاً الجوع لندرة وجود الغذاء في الصّحراء.
ويكون الأنف ذا شكل غريب يتحكّم الجمل بإغلاقه وفتحه لوجود عضلات في الفتحات الأنفيّة من أجل مواجهة العواصف والرّياح الرمليّة. كما يقوم الأنف بتبريد الهواء الدّاخل للرّئة بسبب ارتفاع حرارة الهواء.
ويكون الأنف مُجعّداً من الدّاخل لكي يقوم بتحويل الهواء الخارج من الرّئة بعمليّة الزّفير إلى ماء عن طريق عملية التّكاثف، مُستفيداً من الماء في ترطيب جسمه، فلا يضطر جسمه لفقد المزيد من الماء، وبذلك يستعيد الجمل الماء ليستخدمه في رحلته في الصّحراء .
يستطيع الجمل ملء معدته بكميّات كبيرة من الماء، حيث يستوعب ما يُقارب 16 لتراً دون أن يُصابَ بأي أذىً، فهو بخلاف الكائنات الحيّة يمتلك كريات دم بيضاويّة الشّكل تأخذ شكلها عندما يُكثِر الجمل من الشّرب، وهو قادر على تحمّل العطش مدّة شهر كامل في الشّتاء، ومدّة تصل لأسبوع في أيام الصّيف الحارّة.
أذن الجمل صغيرة جداً، وتحتوي على شُعيرات مُتناهية في الصِّغر حتى تمنع دخولَ رمال وغبار الصّحراء إليها.
عيون الجمل مُزوّدة بصفَّين من الأهداب الطّويلة؛ حتى تمنع دخول رمال الصّحراء وغُبارها فيهما.
يتميّز الجمل عن بقيّة الكائنات الحيّة بأرجله الطّويلة حتى تُبعده عن حرارة رمال الصّحراء المُلتهبة، وهي مُزوّدة بخُفٍ إسفنجيّ ليّن وعريض يُمكّنه من السّير على رمال الصّحراء المُلتهبة دون أن يشعر بالألم أو أن تُبطِئ من سرعته، كما تحميه من الغوص في رمال الصّحراء الهشّة.
يكون كبد الجمل على شكل فصوص مفصول فيما بينها بأغشية ليفيّة للاستفادة من الدّم والسّوائل قدر الإمكان، كما أنّ جسم الجمل لا يحتوي على المرارة.
يملك الجمل جلداً سميكاً جداً لعزل جسمه الداخليّ عن الحرارة الخارجيّة المُلتهبة، كما يُساعده على الحماية من حشرات الصّحراء المُختلفة. أما الوبر فيُشكّل طبقةً أوليّةً لعكس أشعّة الشّمس عن جسم الجمل.
إلى جانب ما يمتلكه جسم الجمل من تراكيب جسمية تساعده على التكيف في البيئات الصعبة؛ إلا أنّه يمتلك أيضًا سلوكيات تدعم عيشه في بيئته، وفيما يأتي أبرزها:
تعتمد كمية شرب الجمل للماء على الظروف البيئية وخاصةً درجة الحرارة، ومستوى المجهود الذي يقوم به، وكمية الماء الموجودة في جسمه، فيمكن أن يشرب الجمل العطِش أكثر من 120 لتر من الماء خلال 15 دقيقة، و في الأشهر الباردة قد يتخلى عن الماء لأنه يحصل على ما يحتاجه من النباتات الخضراء .
يتغذى الجمل خلال ساعات النهارعلى مجموعة متنوعة من النباتات؛ تشمل أوراق الأشجار، والأغصان، والتبن، والقش، والعشب، والحبوب، وحتى الشجيرات الشائكة، إذ تساعده شفاهه السميكة والقاسية على كسرها وأكلها، و في الأشهر الباردة يتغذى على النباتات الخضراء.
يعدّ الجمل من المجترات؛ تمامًا كالأبقار والأغنام، إذ يمضغ طعامه ويبتلعه، ثمّ يعيده إلى فمه ليمضغه مرة أخرى.
يظن العديد أنّ الجمال يبصقون، ولكن في الحقيقة أنّ ذلك أشبه بالقيء؛ إذ يُخرِج الجمل محتويات معدته مع اللعاب، في متلئ خديه كمؤشر لخروج القيء، و تستخدم الجمال هذا السلوك كعامل تشتيت لما يزعجها أو يخيفها.
تحب الجمال البقاء معًا في مجموعات تُسمّى القطعان بقيادة ذكر مسيطر على القطيع، وتُعدّ الجمال حيوانات اجتماعية تسير معًا وتحيي بعضها من خلال النفخ في وجوه بعضها البعض.
يستمر موسم التكاثر حوالي 3 أشهر، ويتزاوج فيها الذكر المسيطر مع أيّ من الإناث في القطيع، وغالبًا ما يحمي الإناث داخل المجموعة من الجمل العازب، ويستخدم القتال والعض لإخافة غيره من الذكور المتطفلين، ثمّ تحمل الأنثى بعد التبويض لمدة 360-440 يومًا، وتلد ما يصل إلى نسل واحد كل عامين.
يُولد صغير الجمل عادةً في موسم الأمطار بوزن 37 كغ تقريبًا، ويتغذى على حليب أمه من 12 إلى 18 شهرًا.
تُعدّ الجمال من أكبر حيوانات الصّحراء حجمًا، وأكثرها تحمّلًا للظروف البيئية لما تمتلكه من مزايا تركيبية وسلوكية تساعدها على العيش في البيئات القاحلة؛ كوجود السنام لتخزين الدهون، وشرب كميات كبيرة من الماء في المرة الواحدة، وطبيعة الشفاه التي تمكّنها من أكل حتى الشجيرات الشائكة المنتشرة في الصحراء.