يعرّف العصر الجاهلي بالفترة الممتدّة قبل بعثة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والّتي استمرّت قرن ونصف قبل البعثة، وذلك استنادًا إلى قول الجاحظ الذي یقول:” فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام مئة وخمسين عام، وإذا استظهرنا له بغاية الاستظهار فمئتي عام”، وسمّي بالعصر الجاهلي لما شاع فيه من الغضب والنزق، وهو المعنى المضاد لكلمة الإسلام التي تدل على الخضوع والطاعة لله، وما ينطوي عليها من سلوك حميد.
تميز العصر الجاهلي عن غيره من العصور بالعديد من الخصائص، أهمها:
تعود نسبته إلى الجاهلية فيقال الأدب الجاهلي، وهو ينقسم إلى قسمين الشعر والنثر، ويدلان على الظروف السائدة في ذلك العصر من نواح عدة، سياسية اجتماعية، ودُوِّن هذا الأدب في القرن الثاني للهجرة، وتم جمعه وتصنيفه، فلم يكن مدونًا قبل ذلك، وهناك العديد من الخلافات حول دقة هذه التدوينات، ولا يزال الأدب الجاهلي تحت النقد والتمحيص والدراسة المعمقة.
ويقسم الشعر في العصر الجاهلي، إلى قسمين قسم تم ارتجاله من قبل شعراء العصر الجاهلي، وقسم تم بتمهل وروية، ويتميز بالوحدة، لكن ليس كقصيدة متكاملة، وإنما كأبيات مترقة، كما ظهر الوصف في الشعر الجاهلي، وقد كان خاصًا بالشاعر وقبيلته، ودونوا الحياة الاجتماعية، ووصفوها وصفًا دقيقًا، وتميزت لغة الشعر الجاهلي بقدرتها على وصف الفروسية، وكانت الفروسية في الشعر الجاهلي من أهم الأمور التي تناولها الشعراء، كما قاموا بتأريخ الانتصارات والغارات التي يفتخرون بها.
عُرف عن خصائص النثر في العصر الجاهلي بأنه أقل من حيث الكم مقارنةً بالشعر الذي هو أسبق من النثر في عصر الجاهلية؛ لأنه مليء بالعاطفة والخيال، أما النثر الفني فيعد لغة العقل والتفكير والمنطق، ومن المعروف أن العرب كانوا أميين في غالبيتهم، والشعر يمكن أن يكون مع الأمية؛ لاحتوائه على النغم، والأوزان الموسيقية التي تجعل حفظه يسيرًا، أما النثر الفني فلا يمكن أن يتواجد في ظل تفشي الأمية، لكن النثر رغم قلته فقد كان على شكل أمثال، وفن الخطابة.
وتميز النثر الجاهلي بالطبع، ويقصد بالطبع عدم التـكلف، فلا يوجد فيه زخارف ولا تطرف، بل سار وفقًا لأخلاق البدوي وبيئته، وعرف بقوة اللفظ، ومتانة التركيب، وقصر الجملة، والأسلوب الموجز، ويمتاز بقرب الإشارة، وقلة الاستعارة.
اعتمد العرب في العصر الجاهلي على أكثر من مصدر للمعيشة، مثل الزراعة التي انتشرت في جنوب وشرق واحات الحجاز ومدينة الطائف، ووادي القرى، كما عملوا في التجارة وكانت قوافلهم التجارية تجوب الصحراء شمالًا وجنوبًا، وأُقيمت العديد من الأسواق التجارية، مثل سوق عكاظ، الذي يعد من أشهر أسواقهم، واعتمد جزء من العرب بشكل أساسي على الرعي بدلًا من الزراعة والتجارة.
تمتع العرب في هذا العصر بصفة الشّجاعة، والكرم، وإغاثة الملهوف، ونصرة الحقّ، وصلة الرّحم، وعندما جاء الإسلام أبقى على هذه الصفات، لكن من جانب آخر عُرف عن العرب في هذا العصر بعض العادات السيّئة مثل: العصبيّة القبليّة، والتّفاخر بأصل القبيلة، ووجود الجواري والعبيد، وشرب الخمر، ولعب القمار، ونتيجة الحياة القبليّة الّتي اتّسموا فيها كانت حياتهم غير مستقرّة وكثيرة التنقّل حيث الكلأ والماء، وانتشرت فيما بينهم الحروب القبليّة مثل: حرب داحس، والغبراء الّتي استمرّت مئة عام.
يتميز الشعر العربي بمكانة خاصة عند العرب في الجاهلية؛ وذلك لأهميته البالغة، فالشاعر في العصر الجاهلي هو الذي يدافع عن قبيلته، ويرد على أعدائها، كما أنه يخلّد إنجازاتها من خلال أشعاره، كما أن الشعر من وسائل كسب المال ونيل العطايا من خلال المديح، وهنالك العديد من الخصائص التي تميز الشعر الجاهلي عن غيره، أهمها:
نستنتج أن العصر الجاهلي هو الفترة الزمنية الممتدة منذ قبل بعثة الرسول وانتشار الإسلام بحدود مئة وخمسون سنة، وحتى بعثة الرسول، وتعود تسميته بالجاهلية لما شاع فيه من الغضب، والصفات المضادة للحلم وقيم الإسلام، وتميز العصر الجاهلي بالعديد من الصفات، أهمها، تكامل اللغة العربية بكل خصائصها في أشعار الجاهلية، وتكامل نشئت الخط العربي، وأهم مصادر التاريخ للعصر الجاهلي هي كتب الشعر والأدب الجاهلي