ترتيب الحروف الأبجدية العربية

كانت حروف اللغة العربية في بدايتها تُكتب دون إعجام، أي بلا تنقيط فوقها أو تحتها؛ لذلك كان القارئ يعتمد على ذكائه وعلى السياق في التفرقة بين الحروف “كالباء، والتاء، والثاء”، وكانت تُصب جهود القدامى والمحدثين على تطوير الحروف العربية وترتيبها، فرتّبوها وفقًا للشكل وهو ما يُسمى بـ”الترتيب الألفبائي”، كذلك رتّبوا الحروف وفقًا لمخارجها وهو ما يُسمى بـ”الترتيب الصوتي”، أما النوع الثالث فهو “الترتيب الأبجدي”.
يعد الترتيب الأبجدي للحروف أقدم ترتيبًا وُضع لها، وقيل إنّ أول مَن وضع هذا الترتيب هم قومٌ من الأوائل نزلوا في عدنان بن أُدد، وقيل إنّ أول من وضعها هم الفينقيون، ويعد هذا الترتيب قليل الاستخدام في زماننا، إذ إنه يعتمد على حساب الجُمل، وهو قيمة عددية تعارف عليها الأقدمون لكل حرف من حروف الترتيب الأبجدي، حيث يُصبح للحروف في الكلمات أو الجمل مدلولًا حسابيًا، ويتكون الترتيب الأبجدي من ثمانية وعشرين حرفًا، وقد وضعت هذه الحروف في جُمل ليسهل حفظها “أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضغط”، وتُرتب على النحو الآتي:
يعد هذا الترتيب الأكثر شهرةً واستعمالًا في زماننا الحالي، وهو ترتيب قائم على المشابهة بين الحروف في الشكل، والرسم، والتقابل، بين الإعجام والنقط، بمعنى أنه عند النظر إلى ترتيب الحروف “ب، ت، ث” نرى أنها متشابهة في شكلها ورسمها كذلك، ويصل التشابه إلى موضع النقط، وهكذا بقية الحروف، وأول من وضع هذا الترتيب نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر العدواني في زمن عبد الملك بن مروان، ويُعرف الترتيب الألفبائي بـ”الترتيب الهجائي” أيضًا، وهو يتكون من ثمانية وعشرين حرفًا مرتبة على النحو الآتي:
وهو الترتيب القائم على مخارج الحروف، ويعد الخليل بن أحمد الفراهيدي أول مَن رتب الحروف صوتيًا بالرغم من شيوع ترتيب نصر بن عاصم الألفبائي “الهجائي” في عصره، ومع ذلك سلك ترتيبًا آخر ولم يتبع الترتيب الألفبائي ولا ندري ما سبب عزوفه عن ترتيب نصر بن عاصم، وقد رتّب الخليل معجمه “العين” وفقًا لمخارج الحروف، فبدأ بحروف الحلق وانتهى بحروف الشفة، وسلك ابن جني مسلك الخليل في ترتيب الحروف، إذ إنه حيث رتّبها وفقًا لمخارجها، لكنه ابتدأ بحروف الشفة وانتهى بحروف الحلق، وعادةً ما يستخدم قراء القرآن الكريم هذا الترتيب.
عند ملاحظة ترتيب الخليل للحروف وفقًا لمخارجها، نرى أنه ابتدأ بالحروف الحلقية مستهلًا بحرف العين، وهذا غريب لأن الهمزة “التي لم يذكرها” والهاء تسبق العين باعتبار مخرجهما من أقصى الحلق، بينما حرف العين مخرجه وسط الحلق، وقد اعتمد في ترتيبه من أقصى الحلق إلى حروف الشفة، وقد وضّح الخليل سبب ذلك بأنه لم يبدأ بالهمزة، لما يلحق بها من نقص، وتغير، وحذف، ولم يبدأ بالهاء لأنها مهموسة خفيفة لا صوت لها، فبدأ من وسط الحلق مستهلًا بالعين، وهو أقوى من حرف الحاء الذي يليه، وفيما يأتي توضيح للحروف وفقًا للترتيب الصوتي:
تتعدد الطرق وتختلف في ترتيب الحروف، وفيما يأتي طرق منوّعة لتسهيل حفظ الحروف العربية بالترتيب:
يتبين لنا مما سبق أن حروف اللغة العربية تنقسم من حيث الترتيب إلى ثلاثة أقسام: الأول الترتيب الأبجدي وهو الأقل استعمالًا، والثاني الترتيب الهجائي وهو الأشهر والأكثر استعمالًا، والثالث الترتيب الصوتي المُعتمد على مخارج الحروف ويكثر استعماله عند قرّاء القرآن الكريم.